بلادي الزرقاء


بلادي الزرقاء, أفتقد هذ اللون الساحر الذى غاب فى السراب. أفتقد هذا الليل الهادئ. أفتقد سماءك الزرقاء. أفتقد أريجك الأزرق يفوح مع الهواء فيعطر الأجواء.

ظلال حمراء


أين الأزرق؟. قد أزاحته ظلال الحرب الحمراء. لا يهم كيف بدأ هذا. لا يهم ما هى الأسباب. كل ما أعرفه الأن هو هذه الظلال الحمراء التى أغرقت بلدتنا وقريتنا, وغمرت بيوتنا وحدائقنا, واختلطت بتربتنا وهوائنا. هذا الأحمر الذى زحف فى وضح النهار دون خجل فصبغ كل شئ حتى أجسادنا ووجوهنا, ولم يتوقف عند هذا, بل عكر أحلامنا وأمالنا.

أمل


لأكثرنا, كان الهروب من هذه المعاناة هو الأمل الأزرق الوحيد الذى نجا من ذلك الوحش الأحمر واختبأ عميقا داخل قلوبنا. ففى تلك الليلة, نجحت أنا وأخرون فى تخطى حواجز الطرقات المؤدية إلى ساحل البحر, بعد أن خاض أملنا الأزرق حروب كبيرة داخل عقولنا وقلوبنا. تطلعنا أن يرحب بنا جيراننا على الجانب الأخر من البحر ولكن يبدوا أنه لم يكن كذلك.

قارب


على هذا القارب, قد جمعنى القدر بهم جميعا. إنهم جيران لنا تركوا بلدانهم بعد أن اجتاحتها الظلال. على هذا القارب, سمعت بعضهم يروي قصة هذه الظلال الرمادية, وأخرون كانوا يتهامسون عن هذه الظلال البنية, لكن خطف بصرى هؤلاء الصامتون منحني الرقاب, والذين علمت بعدها أنهم يفرون من أكثر هذه الظلال رعبا, إنها الظلال السوداء.

نجوم زرقاء


خلال هذا الحزن المتراكم وعبر هذا الظلام المتكدس, لاحظت نورا أزرق يضيئ قد ذكرنى ببلادى الزرقاء. هل هي نجوم السماء؟ لا، إنهما هذان العينان الزرقاوتان لهذا الصغير على حافة القارب يجلس متمسكا بأمه فهو لم يجرب هذه الرحلة من قبل.

غرق


فجأة، وبعد لحظات صمت من الجميع، أخذ صوت البحر يزمجر, وبدأت أمواجه تتصارع، ولم يجد هذا القارب الصغير مكانا إليه يذهب غير قاع البحر, فأخذ فى الغرق جاذبا بعضنا معه إلى الأسفل. وبدأنا نكافح جميعا من جديد أملا فى الحياة.

إفاقة


بعد لحظات على الحافة بين الحياة والموت, أفقت لأجد نفسي مستلقيا على شاطئ البحر وبجوارى يرقد فى سلام هذا الجسد الصغير كأنه نائما على سريره الصغير. لقد أغلقت هذان العينان الزرقاوتان أخذة معها ماتبقى لنا من أمل.

لا كلمات


مر الوقت لكن لم تخفت هذه الصورة أبدا من ذاكرتي. إنها تقول ما تعجز عنه أبلغ الكلمات, إنها تحكى قصة البشرية وتلخص قصة بنى الإنسان. ومن وقتها ومازال هذا السؤال يشغلنى ...

كيف وصلنا إلى هنا؟

ذرة فى صحراء


فما هذه القصة القصيرة إلا ذرة فى صحراء تمتلئ بألاف من المأسي والأحزان. قد حدثت فى الماضى ومستمرة حتى وقتنا الحاضر.

حوادث عبر الحدود


فخلال فترة لا تتجاوز 6 سنوات, رصدت المنظمة الدولية للهجرة 5,506 حادث قد وقع لمهاجرين ولاجئين عبر الحدود.

موت محقق


نتجت عن هذه الحوادث المتكررة خلال هذه الفترة موت أو فقد 32,175 شخص بين رجال ونساء وأطفال.

1000 أو يزيد


اختلفت أعداد الضحايا لكل حادث، فربما نجم عن الحادث ضحية واحدة وربما زاد هذا العدد ليتخطي حاجز الألف ضحية في حادث واحد كما وقع في إبريل عام 2015.

الذروة


كان عام 2016 هو الأعلي من حيث مجموع الضحايا، ذلك برغم أن عام 2018 يعد العام الأكثر كثافة من حيث عدد الحوادث التي قد تم رصدها خلال هذه الفترة الزمنية.

أين


تعددت الأماكن التي وقعت بها هذه الحوادث عبر قارات العالم وعلي حدود دوله فشملت أفريقيا وأسيا وأوروبا والأمريكتان.

أماكن قاتلة


يأتي البحر المتوسط كأكثر المناطق سخونة من حيث تكرار عدد الحوادث وأعداد الضحايا، وكذلك الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، بالإضافة إلي مناطق مختلفة من أفريقيا وخاصة عبر مصر والسودان وليبيا.

10 مناطق


يمكننا تقسيم مناطق وقوع هذه الحوادث إلي 10 مناطق جيوغرافية:

أفريقيا ، الشرق الأوسط ، البحر الأبيض المتوسط ، أوروبا ، آسيا ، الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك ، أمريكا الوسطى ، البحر الكاريبي ، أمريكا الشمالية ، وأمريكا الجنوبية.

بحر الأحزان


ما يقرب من 60 ٪ من مجموع وفيات وفقد المهاجرين والاجئين حول العالم قد وقع في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ثم تأتي قارة أفريقيا في المرتبة الثانية بنسبة 21٪ من إجمالي عدد الوفيات.

غرقي


عندما نلقي نظرة عامة على أسباب الوفاة ، نري أن السبب الأول هو الغرق بواقع نسبة 64٪ من إجمالي الوفيات، ثم تآتي بعد ذلك أسباب أخرى مثل الجوع والجفاف والمرض ، وغيرها من الأسباب.

واقع


هذه كانت بعض الحقائق عن أولئك الذين يفرون إلي الموت أملا في الحياة.

لا تتلاشى


وما زالت هذه الصورة تتحدث، وتخبرنا عن قصة هؤلاء ...

غير المرحب بهم


قصة تخيلية مبنية علي إحصاء فعلي وحادث حقيقي.




بواسطة:
محمد أ. واكد

@Mohamad_Waked

www.alhadaqa.com